التربية الفنية والرؤية الوطنية

تسعى التربية الفنية إلى إكساب المتعلم ما يحتاجه من خبرات فنية تحقق النمو الشامل لشخصيته من خلال الاستجابة والإنتاج الفني. وعليه فالتربية الفنية لا تهتم بإعداد الفرد للتأهيل العلمي والعملي فقط؛ ولكنها تربية نفسية واجتماعية وروحية للأفراد والمجتمعات.ومنذ أكثر من خمسين عاماً حيث اعتمد مسمى التربية الفنية في التعليم العام بدلاً عن مسمى الرسم والأشغال ولازالت التربية الفنية تتطور بتطور هذا العلم لمواكبة التغيرات المحلية والعالمية، وفي 1388هـ أقر أول منهج متطور للتربية الفنية وضعته وزارة المعارف كان في عام 1388هـ وهو منهج التعليم الابتدائي لمدارس البنين، وكان آخر المناهج المعتمدة منهج التربية الفنية للتعليم العام بنين وبنات عُمم في عام 1429هـ، ويتبع المدرسة التنظيمية للتربية الفنية في التدريس.واليوم ونحن في مرحلة التحول الوطني وإعلان رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية، وما تشهده الساحة الوطنية والعالمية من تغيرات متسارعة، تبعث بالتفاؤل والاطمئنان وتسير نحو الإيجابية؛ على عكس المجريات والمقاييس والتنبؤات العالمية من حولنا، مما يحثنا كمتخصصين في التربية الفنية التفاعل بإيجابية وبعزيمة مع الرؤية الوطنية الحالمة، وبعد إعلان هذا الحلم وظهور رغبة وصدق أصحاب القرار وثقتهم في مجال تنمية المجتمع، والتأكيد على دور الفنون في التنمية والتطوير. المسؤولية الآن في أعناقنا كبيرة ومستحقة.يبقى السؤال ما الذي سنقدمه عبر الفنون والتربية الفنية لتحقيق رؤية 2030 بما يناسب الطموح ويحقق الحلم، فلا حدود للحلم السعودي، والوعد بالتأييد والدعم صريح وذائع، وهذه الورقة محاولة لشحذ الهمم وإطلاق الخيال، نستعرض فيها مراحل التطور التاريخية للتربية الفنية لنستفيد منها في مستقبل الرؤية والحلم، ونقارن أنجح التجارب العالمية، والخبرات العلمية والإنجازات المجتمعية، محاولة للوصول إلى مبادرات نوعية، نتميز بها ونظهر حضارتنا العربية والإسلامية، بهوية سعودية ونكهات جمالية محلية، ترقى لما نسعى إليه من انفتاح على العالم وتجعلنا على قدر المنافسة والتعايش مع من حولنا.والفن مفهوم شامل يضم إنتاج الإنسان الإبداعي، وتعتبر لونا من الثقافة الإنسانية لأنها تعبير عن “التعبيرية الذاتية” وليست تعبيرا عن حاجة، أما التربية الفنية في مفهومها فتختلف عن مفهوم الفن، رغم العلاقة المتبادلة لكل منهما، فدارس الفن يختلف عن دارس التربية الفنية؛ فالأول يتخصص في أحد فروع الفن، بينما لا تنحصر دراسة التربية الفنية على فرع واحد، وتشمل جميع الأنشطة الفنية، وفروعها وأصولها وتأريخها وبعض العلوم المتصلة بالتربية الفنية. والتربية الفنية هي التعليم المعني بواحد أو أكثر من الفنون الجميلة أو الفنون التطبيقية، بما في ذلك الدراسات والتجارب الإبداعية.

التربية الفنية والرؤية الوطنية

تعد ممارسة الفنون المختلفة غذاء للروح والجسد، وينمي الفن (الرسم والتلوين والموسيقى والمسرح) روح الإبداع لدى الأطفال أيضاََ، ومن هنا تنبع أهمية الفن للأطفال بمساعدتهم في تقوية الثقة بالنفس وتنمية الاعتماد على النفس لديهم، وتتمثل أهمية الفنون لدى الأطفال أيضاََ أنها تساعدهم في تقوية صحتهم الذهنية والعقلية والنفسية والأداء الحركي والقيادي، وتساعد أيضاََ في تطوير الذات وتقوية الشخصية لديهم وقدرتهم على حل المشكلات.يتكون الدماغ فيزيائياََ من جزئين؛ الجزء الأيسر وهو المسؤول عن التفكير المنطقي و العمليات التحليلية والتي تتضمن: الرياضيات والعلوم والقراءة، والجزء الأيمن وهو المسؤول عن الإدراك الحسي والعاطفي والإبداع، وهذا هو الجزء من الدماغ الذي يستخدم عند ممارسة الأنشطة الإبداعية مثل الفن والذي غالباََ ما يتم إهماله من قبل المدرسة وحتى الأهل. همية الفن للأطفال في تنمية الإبداع يساعد الفن على تنمية الإبداع وتنمية الابتكار لدى الأطفال ويعلمهم كيفية التعامل مع العالم من حولهم وتفسير وشرح ما يفكرون به بطريقة إبداعية ومبتكرة، وتساعد ممارسة أنواع معينة من الفنون الأطفال على التعبير عن مشاعرهم باستخدام الكلمات أو حتى من خلال الحركات أو الإيماءات وعلى التفكير بشكل إيجابي.لا يوجد في الفن شيء خاطىء أو شيء صحيح، لذا يجب الاهتمام برأي الطفل مهما كان غريباََ أو مميزاََ واحترام مشاعره لأن ممارسة الفنون سوف تساعده على التفكير خارج الصندوق وبطرق مميزة وإبداعية بشكل تلقائي من دون أي تدريب مسبق.اقرأ أيضاََ: اليوغا للأطفالأهمية الفن للأطفال في تنمية الأداء الحركي يساعد استخدام أقلام التلوين أدوات الرسم في تنمية القدرة على الكتابة بشكل جيد لدى الأطفال، واستخدام المقص وفرشاة الرسم بشكل صحيح يساعد في تعلم في المهارات الأساسية التي تعنى بالأداء الحركي للطفل مثل ربط حذائه بنفسه أو كيفية حمل واستخدام الأوعية بشكل صحيح وغيرها من الممارسات اليومية الأخرى في حياة الطفل.أهمية الفن للأطفال في زيادة الثقة بالنفس يساعد مشاركة الأطفال في حصة المسرح والدراما في زيادة الثقة بالنفس لديهم، وتعطيهم الفرصة للوقوف أمام الناس والغرباء والتعبير عن رأيهم وتوصيل أفكار ورسائل ذات هدف ومعنى من دون خوف أو تردد، ويساعد التدريب والإعادة أثناء التمرينات والبروفة قبل الخروج على المسرح على التعلم من أخطائهم بمساعدة ومراقبة المعلمين والأهل، وتساعد الموسيقى والرسم أيضاََ في تعليم الأطفال الفخر بمهاراتهم ومواهبهم والتعبير والشرح عنها للآخرين بشكل جيد وواضح.أهمية الفن للأطفال في تعلم مهارة حل المشكلات يعتبر الفن من الأمور التي تنتج أشياء مفيدة وقيمة من لا شيء وهذا ما يساعده في حياته المستقبلية في حل المشكلات التي قد تقابله، مثل:يستطيع الطفل أن يعبر عن مشاعره من خلال أداء رقصة معينة أو القيام بإيماءات وحركات في وجهه. يستطيع الطفل أن يحول قطعة من الطين من لاشيء إلى تمثال متقن الصنع. يستطيع الطفل أن يعبر عن قصة معينة هادفة ومهمة بالنسبة له من خلال كتابة أو غناء أغنية مميزة. أهمية الفن للأطفال في تعليمهم الصبر والعزم تساعد ممارسة أنواع معينة من الفنون مثل رقص الباليه أو تعلم العزف على أداة معين، الطفل على تعلم الصبر وكيفية قضاء الوقت الطويل في التدريب والجهد لاكتساب تقدم قليل في الأداء، لأنه يجب القيام بالكثير من التمارين والتدريبات لأداء رقصة معينة أو العزف على أداة محددة بشكل محترف ومميز، وهذا سوف يساعد الطفل في تعلم الصبر والمثابرة وعدم اليأس حتى ينجز هدف معين خلال فترة حياته في هذا العالم المليء بالتحديات والمشاكل.